من يوميات قلم - قلم و... هاتف

دائما ما أقضي الليالي أنا وهذا الرجل الذي يملكني وكأننا في ورشة عمل مليئة بالقراءات والكتابات والمناقشات والحوارات الفردية مع نفسه تحت تلك الإضاءة الخافتة دائما والموسيقي الكلاسيكية الهادئة - في تلك الغرفة الصغيرة عالمه الصغير الكبير كما يطلق عليها - ودائما ما أكون بين سبابته وإبهامه وفمي علي الصفحات البيضاء أُفرغ ما في جوفي من حبر أزرق عليها فتصبح في النهاية قصة, خاطرة , رسالة , تخاريف كله موجود وكله متاح المهم عنده أن تنتهي الليلة بشئ مكتوب.

إلا هذه الليلة فقد كانت ليلة بألف ليلة فبعد مكالمة هاتفية طويلة إنتهت بالرجاء والنداءات والتوسلات جلس هذا الرجل بلا حراك وكأنه تمثال من الشمع ينظر إلي أشياء لا أراها ولا هو أيضا يراها.

كان الصمت يحتل أرجاء المكان بتوحش بل أكاد اقسم بأني سمعت هدير صمت يدوي من حولي وصارت كل الأشياء ساكنة لا تتحرك وكأن الزمن قد توقف ألان ولفترة طويلة قادمة.

لم أعتاد علي هذا الجمود من قبل، فقد كنت دائما في حركة مستمرة دائبة علي الصفحات البيضاء كانت هناك دائما أفكار وخواطر وأقاصيص بل كان هناك أحيانا بكاء أو إبتسامات خفية ولكن هذه الليلة كان هناك صمت جمود سكون سواد.

مد يده وأحاطني بيد باردة لا روح فيها ولا حياة، ثم تركني مرة أخري ونهض ولم يعد.

وأظنه لن يعود لقد توقفت أفكاره ألان وإلي الأبد، لقد مات فيه شيء ما، شيء كان يحركه ويقويه، شيء يحبه ويعشقه، ما أقبح هذا الإحساس الذي يُقهر الرجال ويقتلهم، حمدا لله أني جماد بلا إحساس.